
في أمسية استثنائية، اجتمع أكثر من 12 ألف شخص في قاعة ويمبلي أرينا في لندن، ليصنعوا معًا حدثًا فنيًا وإنسانياً هو الأكبر من نوعه دعماً لفلسطين.
حفل "معاً من أجل فلسطين" جمع أكثر من 1.5 مليون جنيه إسترليني (ما يعادل نحو 1.9 مليون دولار أمريكي)، خُصصت لدعم العمل الإنساني والإغاثي في قطاع غزة، وسط العدوان المستمر والوضع الكارثي الذي يعيشه أهل غزة، وعلى رأسهم الأطفال.
ضمن هذا الحدث العالمي، كانت مؤسسة التعاون حاضرة برسالتها ومبادئها، من خلال تخصيص دعم مباشر من ريع الحفل لصالح مبادرة نور لرعاية أيتام غزة، وهي مبادرة وطنية شاملة أطلقتها مؤسسة التعاون، استجابة للكارثة الإنسانية الناتجة عن العدوان على غزة 2023–2025، الذي خلف آلاف الأطفال دون معيل. وتهدف المبادرة إلى تقديم رعاية شاملة ومتكاملة لـ 20,000 طفل فقدوا والدهم أو كلا الوالدين، في إطار رؤية تنموية بعيدة المدى.
يُعد حفل "معاً من أجل فلسطين" واحداً من أكبر أشكال التضامن الفني الدولي مع القضية الفلسطينية في السنوات الأخيرة، ليس فقط من حيث الحجم والمشاركة الجماهيرية، بل من حيث التأثير المعنوي والسياسي والإنساني الذي أحدثه.
لقد مثّل الحفل منصة استثنائية لإيصال صوت فلسطين إلى العالم، في وقتٍ تتعرض فيه غزة لحصار وعدوان غير مسبوقين، ويعيش فيه الشعب الفلسطيني ظروفاً إنسانية بالغة القسوة والمعاناة.
شارك في الحفل نخبة من الفنانين العالميين، الذين قدّموا عروضاً مؤثرة حملت صوت غزة إلى العالم.وقد رافق الحفل حملة رقمية غير مسبوقة، حيث تصدّر وسم #TogetherForPalestine المنصات الرقمية في أوروبا وأميركا اللاتينية، وأعاد آلاف الفنانين والنشطاء والمواطنين العاديين التأكيد على دعمهم لشعب فلسطين وحقه في العدالة.
وقد عبّر عدد من الفنانين والمشاركين في الحفل عن مواقفهم الإنسانية الواضحة تجاه العدوان على غزة، حيث قال الموسيقي العالمي براين إينو: "أنتم في قلب أكبر حركة اجتماعية في تاريخ البشرية." أما الممثلة البريطانية فلورنس بيوغ، فقد وجّهت كلماتها للحضور قائلة: "السكوت أمام هذا الكم من المعاناة ليس حيادًا، بل تواطؤ." من جهته، خاطب الكوميديان جاز خان الجمهور بقوله: "نجتمع الليلة، كلّنا، لننحني احترامًا لصمود وشجاعة شعب فلسطين."
وفي تقييمٍ للحفل، وصفته صحيفة London Evening Standard بأنه: "فعالية قلّما شهدنا مثلها من حيث الحجم والطموح... أربع ساعات من الفن والتضامن شكلت إنجازاً استثنائياً." كما أوردت The Line of Best Fit في مراجعتها النقدية:
"حفل معاً من أجل فلسطين شكّل لحظة تضامن ثقافي حقيقية، جمعت بين نجوم عالميين وأصوات فلسطينية أصيلة." فيما تساءلت إحدى المشاركات خلال الحفل:"كيف يمكننا أن نعيش مع أنفسنا ونحن نقف متفرجين؟"
شكّل "معاً من أجل فلسطين" محطة فارقة في نشر الوعي العالمي بمعاناة الشعب الفلسطيني، وإعادة تسليط الضوء على واقع الحصار والعدوان، في ظل تغييب إعلامي وسياسي مستمر.
وقد برز دور الفن والثقافة خلال هذا الحدث بوصفهما وسيلتين محوريتين لنقل السردية الفلسطينية إلى العالم، وكسر الصمت، وتعزيز صمود الأفراد والمجتمعات. إذ لا تقتصر أهمية هذه الفعاليات على قيمتها المادية، بل تتجاوزها إلى أثرها الرمزي والوجداني، وإلى قدرتها على بناء تضامن إنساني واسع، يربط بين الناس رغم اختلاف الجغرافيا والثقافات.